Your cart is currently empty!

كل من يتمادى يعاقب
الأشخاص المعطاؤون والكرماء ليسوا مغفلين كما يظن الكثيرون، يمكن أن يمنحك الشخص الكريم من وقته وجهده وفكره وماله حتى لو لم تربطه بك علاقة قوية، يرجع السبب لإيمانه بقيم عليا وأفكار نبيلة وليس لأنك دومًا تستحق، هذا لا يعني أن فعل العطاء مبني على التباهي، البعض قد يعطي بدافع التباهي والظهور فعلًا، في المقابل الأغلبية تفعل تلبية لقيمها العليا التي تؤمن بها.
المشكلة أن تعرضك للشخص المعطاء هو بمثابة اختبار حقيقي لك، كيف ستتعامل مع هذا النوع من القيم؟ تظاهرك بالحب أو محاولة خداع الشخص للحصول على المزيد من العطاء هو تصرف ساذج منك، لأن الطرف الآخر وبكل بساطة سيتمكن من اكتشاف زيفك سريعًا، مع ذلك سيمنحك من عطائه حتى يقرر هو بنفسه متى سيتوقف عن ذلك، سيحدد ذلك طبقًا لما يراه منك وما يقدره لمدى استحقاقك فعلًا، ومع أول إشارة صارخة لجحودك واستغلالك وابتزازك سيكون رده عليك قويًا وصارمًا، سيلقنك درسًا قاسيًا وسيتوقف عطاؤه ربما في اللحظة التي تكون أنت فيها في أشد الحاجة إليه، السبب ببساطة أنك تماديت كثيرًا وتجاوزت حدوده الخاصة ولهذا فالعقاب سيكون من حقك فعلًا.
لأجل هذا تعامل مع المعطاء والكريم بنزاهة، اسأله ما تريد دون أن تتصنع الحب أو تتملق كثيرًا، كن صريحًا واترك له القرار، والأهم احترم حدوده، حين يرفض المعطاء التحدث أو التواجد أو البذل فاحترم قراره، عطاؤه ليس حقًا لك لتنتزعه عنوة، كن نبيلًا وصادقًا ومهذبًا، وكن على ثقة بأن الدرس الذي قد تتلقاه على يد معطاء قد اسأت إليه سيكون قاسيًا جدًا.
الكريم ليس كريمًا معك فقط، بل كريمًا مع نفسه قبلًا، لهذا حين تتجاوز حدودك وتبدأ بانهاكه سيثور لأجل نفسه المتعبة ولأجل كرامته المهدرة بابتزازك، وحينها سيبعدك بقسوة، هذه القسوة صدقني مؤلمة بأكثر مما تتصور، وقتها ستشعر بأنك ضائع فعلًا، ستفقد دعمًا كبيرًا لم تكن مقدرًا له بحق، ستعرف وقتها حجم خسارتك.
يحدث هذا السيناريو كثيرًا، في المدارس، الجامعات، علاقات الصداقة، العلاقات العاطفية، الزيجات وعلاقات العمل، كل من يتمادى يعاقب، وكل من يعطي يثور يومًا لأجل نفسه ويحميها.
أضف المنشور للمفضلة
اشترك في مدونة نسمة السيد ممدوح
كن أول من يقرأ جديد المقالات والقصص والمراجعات
تعليقات القراء
أحدث المنشورات
مراجعة رواية ساي لسحر خواتمي وهبة أعرابي
سلسلة فيء الغمام لسحر خواتمي وهبة أعرابي
بداخل كل منَّا جمانة عليه أن يكتشفها ويحفظها، وجميعنا بحاجة لسلام يريح نفوسنا، وجود في عواطفنا، وكلنا نحلم بزينة تجمل…
في ظلال الفصحى
هل تساءلت يومًا عن الفرق بين منشور طويل على منصات التواصل الاجتماعي وبين كتاب تقرؤه؟ لقد تغير الواقع كثيرًا، وأسئلة…
أنا لا أخشى جحر الثعبان
مضت سنوات جاوزت العشر على مقال كتبته ونشرته على موقع مصراوي، حين قرأ أبي المقال قال لي: “لقد وضعتِ يدكِ…
نحن فنانون وأدباء ولسنا تجارًا
تلعب المسابقات دورًا هامًا في شحذ المهارات والقدرات واكتشاف المواهب، وتشبع كلًا من المتسابقين والجمهور نفسيًا، إنها تجربة فريدة تحمل…

نسمة السيد ممدوح
كاتبة ومذيعة مصرية من مواليد 1986، حاصلة على ليسانس الآداب قسم الإعلام – إذاعة وتلفزيون عام 2008.
اترك تعليقاً